فصل: المسألة الثَّالِثَةُ: قَوْله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن العربي:

قَوْله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

.المسألة الْأُولَى: الْمُجَاهَدَةُ:

فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: جَاهِدْهُمْ بِيَدِك، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِك، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَطِّبْ فِي وُجُوهِهِمْ.
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَاهِدْ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ.
الثَّالِثُ: قَالَ الْحَسَنُ: جَاهِدْ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ، وَالْمُنَافِقِينَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ.
وَاخْتَارَهُ قَتَادَةُ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مَنْ يُصِيبُ الْحُدُودَ.

.المسألة الثَّانِيَةُ: [في مجاهدة النبي صلى الله عليه وسلم للكفار وتركه المنافقين]:

قَالَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ مَا تَقَدَّمَ، فَأَشْكَلَ ذَلِكَ وَاسْتَبْهَمَ، وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي السَّنَدِ.
أَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجَاهِدُ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِمْ، حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَكَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ يُعْرِضُ عَنْهُمْ، وَيَكْتَفِي بِظَاهِرِ إسْلَامِهِمْ، وَيَسْمَعُ أَخْبَارَهُمْ فَيُلْغِيهَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِمْ، وَانْتِظَارِ الْفَيْئَةِ إلَى الْحَقِّ بِهِمْ، وَإِبْقَاءً عَلَى قَوْمِهِمْ، لِئَلَّا تَثُورَ نُفُوسُهُمْ عِنْدَ قَتْلِهِمْ، وَحَذَرًا مِنْ سُوءِ الشُّنْعَةِ فِي أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؛ فَكَانَ لِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ يَقْبَلُ ظَاهِرَ إيمَانِهِمْ، وَبَادِئَ صَلَاتِهِمْ، وَغَزْوَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى رَبِّهِمْ، وَتَارَةً كَانَ يَبْسُطُ لَهُمْ وَجْهَهُ الْكَرِيمَ، وَأُخْرَى كَانَ يُظْهِرُ التَّغْيِيرَ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا إقَامَةُ الْحُجَّةِ بِاللِّسَانِ فَكَانَتْ دَائِمَةً، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ جِهَادَ الْمُنَافِقِينَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِمْ لِأَنَّ أَكْثَرَ إصَابَةِ الْحُدُودِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ، فَإِنَّهُ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ الْعَاصِي بِمُنَافِقٍ، إنَّمَا الْمُنَافِقُ بِمَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ مِنْ النِّفَاقِ كَامِنًا، لَا بِمَا تَتَلَبَّسُ بِهِ الْجَوَارِحُ ظَاهِرًا، وَأَخْبَارُ الْمَحْدُودِينَ يَشْهَدُ مَسَاقُهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ.

.المسألة الثَّالِثَةُ: قَوْله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}:

الْغِلْظَةُ نَقِيضُ الرَّأْفَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْقَلْبِ وَقُوَّتُهُ عَلَى إحْلَالِ الْأَمْرِ بِصَاحِبِهِ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي اللِّسَانِ.
فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ». اهـ.

.قال السمرقندي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} يعني: جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بالقول الشديد.
قال ابن مسعود في قوله: {جاهد الكفار والمنافقين} قال: جاهد بيدك، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك والقه بوجه مكفهر، وعن الحسن قال: جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بالحدود، يعني: أقم عليهم حدود الله.
{واغلظ عَلَيْهِمْ}، يعني: أشدد عليهم، يعني: على الفريقين جميعًا في المنطق.
ثم بيَّن مرجعهم جميعًا في الآخرة وقال: {وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}، يعني: مصيرهم ومآلهم إلى جهنم، {وَبِئْسَ المصير} الذي صاروا إليه. اهـ.

.قال الثعلبي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ} بالسيف والقتال {والمنافقين} اختلفوا في صفة جهاد المنافقين، قال ابن مسعود: بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فاكفهر في وجهه.
قال ابن عباس: باللسان وشدة الزجر بتغليظ الكلام، قال الحسن وقتادة: بإقامة الحدود عليهم، ثم قال: {وَمَأْوَاهُمْ} في الآخرة {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير} قال ابن مسعود وابن عباس وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصلح والصفح. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}
أما جهاد الكفار فبالسيف وأما جهاد المنافقين ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: جهادهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه وقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجوههم، قاله ابن مسعود.
والثاني: جهادهم باللسان، وجهاد الكفار بالسيف، قاله ابن عباس.
والثالث: أن جهاد الكفار بالسيف، وجهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم، قاله الحسن وقتادة. وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
{وَاغْلُظْ عَلَيْهِمُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: تعجيل الانتقام منهم.
والثاني: ألا يصدق لهم قولًا، ولا يبر لهم قسمًا. اهـ.

.قال ابن عطية:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}
قوله: {جاهد} مأخوذ من بلوغ الجهد وهي مقصود بها المكافحة والمخالفة، وتتنوع بحسب المجاهد فجهاد الكافر المعلن بالسيف، وجهاد المنافق المتستر باللسان والتعنيف والاكفهرار في وجهه، ونحو ذلك، ألا ترى أن من ألفاظ الشرع قوله صلى الله عليه وسلم: «والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله»، فجهاد النفس إنما هو مصابرتها باتباع الحق وترك الشهوات، فهذا الذي يليق بمعنى هذه الآية لكنا نجلب قول المفسرين نصًا لتكون معرضة للنظر، قال الزجّاج: وهو متعلق في ذلك بألفاظ ابن مسعود: أمر في هذه الآية بجهاد الكفار والمنافقين يالسيف، وأبيح له فيها قتل المنافقين، قال ابن مسعود: إن قدر وإلا فباللسان وإلا فبالقلب والاكفهرار في الوجه.
قال القاضي أبو محمد: والقتل لا يكون إلا مع التجليح ومن جلح خرج عن رتبة النفاق، وقال ابن عباس: المعنى جاهد المنافقين باللسان، وقال الحسن بن أبي الحسن: المعنى جاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم، قال: وأكثر ما كانت الحدود يومئذ تصيب المنافقين.
قال القاضي أبو محمد: ووجه ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقين بالمدينة أنهم لم يكونوا مجلحين بل كان كل مغموص عليه إذا وقف ادعى الإسلام، فكان في تركهم إبقاء وحياطة للإسلام ومخافة أن تنفر العرب إذا سمعت أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل من يظهر الإسلام، وقد أوجبت هذا المعنى في صدر سورة البقرة، ومذهب الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرفهم ويسترهم، وأما قوله تعالى: {واغلظ عليهم} فلفظة عامة تتصرف الأفعال والأقوال واللحظات، ومنه قوله تعالى: {ولو كنت فظًا غليظ القلب} [آل عمران: 159] ومنه قول النسوة لعمر بن الخطاب: أنت أفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى الغلظ خشن الجانب فهي ضد قوله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215] ثم جرت الآية المؤمنين عليهم في عقب الأمر بإخباره أنهم في جهنم، والمعنى هم أهل لجميع ما أمرت أن تفعل بهم، والمأوى حيث يأوي الإنسان ويستقر. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}
قوله تعالى: {جاهد الكفار والمنافقين} أما جهاد الكفار، فبالسيف وفي جهاد المنافقين قولان:
أحدهما: أنه باللسان، قاله ابن عباس، والحسن، والضحاك، والربيع بن أنس.
والثاني: جهادهم باقامة الحدود عليهم، روي عن الحسن، وقتادة.
فإن قيل: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بجهادهم وهو يعلم أعيانهم، فكيف تركهم بين أظهر أصحابه فلم يقتلهم؟.
فالجواب: أنه إنما أُمر بقتال من أظهر كلمة الكفر وأقام عليها، فأما من إذا أُطلع على كفره، أنكر وحلف وقال: إني مسلم، فانه أُمر أن يأخذه بظاهر أمره، ولا يبحث عن سِرِّه.
قوله تعالى: {واغلظ عليهم} قال ابن عباس: يريد: شدة الانتهار لهم، والنظر بالبغضة والمقت.
وفي الهاء والميم من {عليهم} قولان:
أحدهما: أنه يرجع إلى الفريقين، قاله ابن عباس.
والثاني: إلى المنافقين، قاله مقاتل. اهـ.

.قال القرطبي:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)}
فيه مسألتان:
الأُولى قوله تعالى: {يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وتدخل فيه أُمّته من بعده.
قيل: المراد جاهد بالمؤمنين الكفارَ.
وقال ابن عباس: أمر بالجهاد مع الكفار بالسيف، ومع المنافقين باللسان وشدّة الزجر والتغليظ.
ورُوي عن ابن مسعود أنه قال: جاهد المنافقين بيدك، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فاكْفَهِرّ في وجوههم.
وقال الحسن: جاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم وباللسان واختاره قتادة وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
ابن العربيّ: أما إقامة الحجة باللسان فكانت دائمة، وأما بالحدود لأن أكثر إصابة الحدود كانت عندهم فدعوى لا برهان عليها، وليس العاصي بمنافق، إنما المنافق بما يكون في قلبه من النفاق كامِنًا، لا بما تتلبس به الجوارح ظاهرًا، وأخبار المحدودين يشهد سياقها أنهم لم يكونوا منافقين.
الثانية قوله تعالى: {واغلظ عَلَيْهِمْ} الغِلظ: نقيض الرأفة، وهي شدّة القلب على إحلال الأمر بصاحبه.
وليس ذلك في اللسان؛ فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زنت أَمَة أحدكم فلْيجلدها الحدّ ولا يُثَرِّب عليها» ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
ومنه قول النِّسوة لعمر: أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى الغِلظ خشونة الجانب.
فهي ضدّ قوله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
{واخفض لَهُمَا جَنَاحَ الذل مِنَ الرحمة} [الإسراء: 24].
وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصلح والصفح. اهـ.

.قال الخازن:

قوله سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار} يعني بالسيف والمحاربة والقتال {والمنافقين} يعني وجاهد المنافقين واختلفوا في صفة جهاد المنافقين وسبب هذا الاختلاف أن المنافق هو الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام ولما كان الأمر كذلك لم تجز مجاهدته بالسيف والقتال لإظهار الإسلام فقال ابن عباس: أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان وإذهاب الرفق عنهم وهذا قول الضحاك أيضًا وقال ابن: مسعود بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه.
وقال الحسن وقتادة: بإقامة الحدود عليهم بعين إذا تعاطوا أسبابها وهذا القول فيه بعد لأن إقامة الحدود واجبة على من ليس بمنافق فلا يكون لهذا تعلق بالنفاق وإنما قال الحسن وقتادة وذلك لأن غالب من كان يتعاطى أسباب الحدود فتقام عليهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم المنافقون.
قال الطبري: وأولى الأقوال قول ابن مسعود لأن الجهاد عبارة عن بذل الجهد وقد دلت الآية على وجوب جهاد المنافقين وليس في الآية ذكر كيفية ذلك الجهاد فلابد من دليل آخر وقد دلت الدلائل المنفصلة أن الجهاد مع الكفار إنما يكون بالسيف ومع المنافقين بإظهار الحجة عليهم تارة وبترك الرفق بهم تارة وبالانتهار تارة وهذا هو قول ابن مسعود {واغلظ عليهم} يعني شدد عليهم بالجهاد والإرهاب {ومأواهم جهنم وبئس المصير} بمعنى أن جهنم مسكنهم وبئس المصير مصيرهم إليها.
فإن قلت كيف ترك النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهر أصحابه مع علمه بهم وبحالهم.
قلت: إنما أمر الله نبيه سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم بقتال من أظهر كلمة الكفر وأقام على إظهارها.
فأما من تكلم بالكفر في السر فإذا اطلع عليه أنكره ورجع عنه وقال: إني مسلم فإنه يحكم بإسلامه في الظاهر في حقن دمه وماله وولده وإن كان معتقدًا غير ذلك في الباطن لأن الله سبحانه وتعالى أمر بإجراء الأحكام على الظواهر فلذلك أجرى النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين على ظواهرهم ووكل سرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى لأنه العالم بأحوالهم وهو يجازيهم في الآخرة بما يستحقون. اهـ.

.قال أبو حيان:

{يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير}
لما ذكر وعيد غير المؤمنين وكانت السورة قد نزلت في المنافقين بدأبهم في ذلك بقوله: {وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم} ولما ذكر أمر الجهاد، وكان الكفار غير المنافقين أشد شكيمة وأقوى أسبابًا في القتال وإنكاء بتصديهم للقتال، قال: جاهد الكفار والمنافقين فبدأ بهم.
قال ابن عباس وغيره: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان.
وقال الحسن وقتادة: والمنافقين بإقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها.
وقال ابن مسعود: جاهدهم باليد، فإن لم تستطع فباللسان، فإن لم تستطع فبالقلب، وإلاكفرار في وجوههم، وأغلظ عليهم في الجهادين.
والغلظ ضد الرقة، والمراد خشونة الكلام وتعجيل الانتقام على خلاف ما أمر به في حق المؤمنين.
واخف جناحك للمؤمنين وكل من وقف منه على فساد في العقائد، فهذا حكمه يجاهد بالحجة، ويستعمل معه الغلظ ما أمكن. اهـ.